Muslim Library

تفسير القرطبي - سورة الأعلى - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) (الأعلى) mp3
يُسْتَحَبّ لِلْقَارِئِ إِذَا قَرَأَ " سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى " أَنْ يَقُول عَقِبَهُ : سُبْحَان رَبِّيَ الْأَعْلَى قَالَهُ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَهُ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ عَلَى مَا يَأْتِي .

وَرَوَى جَعْفَر بْن مُحَمَّد عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه قَالَ : ( إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مَلَكًا يُقَال لَهُ حِزْقَائِيل , لَهُ ثَمَانِيَة عَشَرَ أَلْف جَنَاح , مَا بَيْن الْجَنَاح إِلَى الْجَنَاح مَسِيرَة خَمْسِمِائَةِ عَام , فَخَطَرَ لَهُ خَاطِر هَلْ تَقْدِرُ أَنْ تُبْصِرَ الْعَرْشَ جَمِيعَهُ ؟ فَزَادَهُ اللَّه أَجْنِحَةً مِثْلَهَا , فَكَانَ لَهُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْف جَنَاح , مَا بَيْن الْجَنَاح إِلَى الْجَنَاح خَمْسُمِائَةِ عَام . ثُمَّ أَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ : أَيّهَا الْمَلَك , أَنْ طِرْ , فَطَارَ مِقْدَار عِشْرِينَ أَلْفَ سَنَة فَلَمْ يَبْلُغ رَأْس قَائِمَة مِنْ قَوَائِم الْعَرْش . ثُمَّ ضَاعَفَ اللَّه لَهُ فِي الْأَجْنِحَة وَالْقُوَّة , وَأَمَرَهُ أَنْ يَطِير , فَطَارَ مِقْدَار ثَلَاثِينَ أَلْف سَنَة أُخْرَى , فَلَمْ يَصِل أَيْضًا فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَيّهَا الْمَلَك , لَوْ طِرْت إِلَى نَفْخ الصُّوَر مَعَ أَجْنِحَتك وَقُوَّتك لَمْ تَبْلُغ سَاقَ عَرْشِي . فَقَالَ الْمَلَك : سُبْحَان رَبِّيَ الْأَعْلَى فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى " . فَقَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : اِجْعَلُوهَا فِي سُجُودكُمْ ) . ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ فِي ( كِتَاب الْعَرَائِس ) لَهُ . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَالسُّدِّيّ : مَعْنَى " سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى " أَيْ عَظِّمْ رَبّك الْأَعْلَى . وَالِاسْم صِلَة , قُصِدَ بِهَا تَعْظِيم الْمُسَمَّى كَمَا قَالَ لَبِيد : إِلَى الْحَوْلِ ثُمَّ اِسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكُمَا وَقِيلَ : نَزِّهْ رَبّك عَنْ السُّوء , وَعَمَّا يَقُول فِيهِ الْمُلْحِدُونَ . وَذَكَرَ الطَّبَرِيّ أَنَّ الْمَعْنَى نَزِّهْ اِسْم رَبّك عَنْ أَنْ تُسَمِّيَ بِهِ أَحَدًا سِوَاهُ . وَقِيلَ : نَزِّهْ تَسْمِيَة رَبّك وَذِكْرَك إِيَّاهُ , أَنْ تَذْكُرَهُ إِلَّا وَأَنْتَ خَاشِع مُعَظِّم , وَلِذِكْرِهِ مُحْتَرِم . وَجَعَلُوا الِاسْم بِمَعْنَى التَّسْمِيَة , وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُون الِاسْم هُوَ الْمُسَمَّى .

رَوَى نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : لَا تَقُلْ عَلَا اِسْمُ اللَّه فَإِنَّ اِسْم اللَّه هُوَ الْأَعْلَى . وَرَوَى أَبُو صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس : صَلِّ بِأَمْرِ رَبّك الْأَعْلَى . قَالَ : وَهُوَ أَنْ تَقُول سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى . وَرُوِيَ عَنْ عِلِّيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْن عَبَّاس وَابْن عَمْرو وَابْن الزُّبَيْر وَأَبِي مُوسَى وَعَبْد اللَّه بْن مَسْعُود - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ - أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا اِفْتَتَحُوا قِرَاءَة هَذِهِ السُّورَة قَالُوا : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى اِمْتِثَالًا لِأَمْرِهِ فِي اِبْتِدَائِهَا . فَيَخْتَار الِاقْتِدَاء بِهِمْ فِي قِرَاءَتهمْ لَا أَنَّ سُبْحَان رَبِّيَ الْأَعْلَى مِنْ الْقُرْآن كَمَا قَالَهُ بَعْض أَهْل الزَّيْغ . وَقِيلَ : إِنَّهَا فِي قِرَاءَة أُبَيّ : " سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى " . وَكَانَ اِبْن عُمَر يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ . وَفِي الْحَدِيث : كَانَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قَرَأَهَا قَالَ : [ سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى ] .

قَالَ أَبُو بَكْر الْأَنْبَارِيّ : حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن شَهْرَيَار , قَالَ : حَدَّثَنَا حُسَيْن بْن الْأَسْوَد , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَمَّاد قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْن عُمَر , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَرَأَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب عَلَيْهِ السَّلَام فِي الصَّلَاة " سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى " , ثُمَّ قَالَ : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى فَلَمَّا اِنْقَضَتْ الصَّلَاة قِيلَ لَهُ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ , أَتَزِيدُ هَذَا فِي الْقُرْآن ؟ قَالَ : مَا هُوَ ؟ قَالُوا : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى . قَالَ : لَا , إِنَّمَا أُمِرْنَا بِشَيْءٍ فَقُلْته , وَعَنْ عُقْبَة بْن عَامِر الْجُهَنِيّ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ " سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى " قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( اِجْعَلُوهَا فِي سُجُودكُمْ ) . وَهَذَا كُلّه يَدُلّ عَلَى أَنَّ الِاسْم هُوَ الْمُسَمَّى ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا : سُبْحَان اِسْم رَبّك الْأَعْلَى . وَقِيلَ : إِنَّ أَوَّل مَنْ قَالَ [ سُبْحَان رَبِّيَ الْأَعْلَى ] مِيكَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام . وَقَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجِبْرِيل : ( يَا جِبْرِيل أَخْبِرْنِي بِثَوَابِ مَنْ قَالَ : سُبْحَان رَبِّيَ الْأَعْلَى فِي صَلَاته أَوْ فِي غَيْر صَلَاته ) . فَقَالَ : ( يَا مُحَمَّد , مَا مِنْ مُؤْمِن وَلَا مُؤْمِنَة يَقُولهَا فِي سُجُوده أَوْ فِي غَيْر سُجُوده , إِلَّا كَانَتْ لَهُ فِي مِيزَانه أَثْقَلَ مِنْ الْعَرْش وَالْكُرْسِيّ وَجِبَال الدُّنْيَا , وَيَقُول اللَّه تَعَالَى : صَدَقَ عَبْدِي , أَنَا فَوْق كُلّ شَيْء , وَلَيْسَ فَوْقِي شَيْء , اِشْهَدُوا يَا مَلَائِكَتِي أَنِّي قَدْ غَفَرْت لَهُ , وَأَدْخَلْته الْجَنَّة فَإِذَا مَاتَ زَارَهُ مِيكَائِيل كُلّ يَوْم , فَإِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة حَمَلَهُ عَلَى جَنَاحه , فَأَوْقَفَهُ بَيْن يَدَيْ اللَّه تَعَالَى , فَيَقُول : يَا رَبّ شَفِّعْنِي فِيهِ , فَيَقُول قَدْ شَفَّعْتُك فِيهِ , فَاذْهَبْ بِهِ إِلَى الْجَنَّة ) . وَقَالَ الْحَسَن : " سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى " أَيْ صَلِّ لِرَبِّك الْأَعْلَى . وَقُلْ : أَيْ صَلِّ بِأَسْمَاءِ اللَّه , لَا كَمَا يُصَلِّي الْمُشْرِكُونَ بِالْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَة . وَقِيلَ : اِرْفَعْ صَوْتك بِذِكْرِ رَبّك . قَالَ جَرِير : قَبَّحَ الْإِلَهُ وُجُوهَ تَغْلِبَ كُلَّمَا سَبَّحَ الْحَجِيجُ وَكَبَّرُوا تَكْبِيرَا
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • رسائل العقيدة للشيخ محمد بن عبد الوهاب

    رسائل العقيدة للشيخ محمد بن عبد الوهاب : مجلد يحتوي على عدة رسائل في التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وهي: 1- كتاب التوحيد. 2- كشف الشبهات. 3- ثلاثة الأصول. 4- القواعد الأربع. 5- فضل الإسلام. 6- أصول الإيمان. 7- مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد. 8- مجموعة رسائل في التوحيد.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/264145

    التحميل:

  • الدليل إلى مراجع الموضوعات الإسلامية

    الدليل إلى مراجع الموضوعات الإسلامية : كتاب مفيد للدعاة، حيث قام المؤلف - حفظه الله - بالمرور على فهارس أكثر من ألف كتاب لاستخراج رؤوس الموضوعات بالجزء والصفحة، ورتبها على الأبواب، بحيث يسهل في الوصول إلى بعض الموضوعات العامة اللازمة في بناء الشخصية الإسلامية في الجوانب العقدية والأخلاقية وغيرها.

    الناشر: دار الوطن http://www.madaralwatan.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/203449

    التحميل:

  • الوجيز في عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة

    الوجيز في عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة : يحتوي على بيان عقيدة أهل السنة والجماعة، قدم له معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله -.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144959

    التحميل:

  • منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله في ضوء الكتاب والسنة

    منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله في ضوء الكتاب والسنة: قال المُصنِّف - رحمه الله -: « .. والبشريةُ كلها - وبخاصَّة: العلماء، والدعاة، والمُرشدين، والمُصلِحين - في أمسِّ الحاجةِ إلى معرفةِ المنهج الذي سار عليه الأنبياءُ أثناء مُعالجَتهم لقضيةِ الشركِ، ودعوتهم إلى وحدانية الله تعالى وعبادته وحده دون غيره. لذلك فقد رأيتُ أن أضعَ كتابًا أُبيِّن فيه المنهجَ القويمَ الذي سارَ عليه الأنبياءُ أولو العزمِ في دعوتهم إلى وحدانية الله تعالى ... واعتمدتُ في المادة العلمية لهذا الكتاب على نصوصِ القرآن الكريم، وسنَّة الهادي البشير - صلى الله عليه وسلم -، وهدفي من وراء ذلك: التأسِّي بالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، والسير على المنهجِ الذي سارُوا عليه؛ لأنه المنهجُ الذي هداهُم إليه ربُّ العالمين».

    الناشر: موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/385227

    التحميل:

  • الجهاد في سبيل الله في ضوء الكتاب والسنة

    الجهاد في سبيل الله في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه كلمات مختصرات في «الجهاد في سبيل الله تعالى»، بَيَّنْتُ فيها: مفهوم الجهاد، وحكمه، ومراتبه، وضوابطه، وأنواع الجهاد في سبيل الله، وأهدافه، والحكمة من مشروعيته، وفضله، والترهيب مِن ترك الجهاد في سبيل الله، وبيان شهداء غير المعركة، وأسباب وعوامل النصر على الأعداء».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1921

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة