Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة هود - الآية 44

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) (هود) mp3
يُخْبِر تَعَالَى أَنَّهُ لَمَّا أَغْرَقَ أَهْل الْأَرْض كُلّهمْ إِلَّا أَصْحَاب السَّفِينَة أَمَرَ الْأَرْض أَنْ تَبْلَع مَاءَهَا الَّذِي نَبَعَ مِنْهَا وَاجْتَمَعَ عَلَيْهَا وَأَمَرَ السَّمَاء أَنْ تُقْلِع عَنْ الْمَطَر " وَغِيضَ الْمَاء " أَيْ شَرَعَ فِي النَّقْص " وَقُضِيَ الْأَمْر " أَيْ فُرِغَ مِنْ أَهْل الْأَرْض قَاطِبَة مِمَّنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ دَيَّار" وَاسْتَوَتْ " السَّفِينَة بِمَنْ فِيهَا " عَلَى الْجُودِيّ " قَالَ مُجَاهِد : وَهُوَ جَبَل بِالْجَزِيرَةِ تَشَامَخَتْ الْجِبَال يَوْمئِذٍ مِنْ الْغَرَق وَتَطَاوَلَتْ وَتَوَاضَعَ هُوَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمْ يَغْرَق وَأَرْسَتْ عَلَيْهِ سَفِينَة نُوح عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ قَتَادَة اِسْتَوَتْ عَلَيْهِ شَهْرًا حَتَّى نَزَلُوا مِنْهَا ; قَالَ قَتَادَة : قَدْ أَبْقَى اللَّه سَفِينَة نُوح عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى الْجُودِيّ مِنْ أَرْض الْجَزِيرَة عِبْرَة وَآيَة حَتَّى رَآهَا أَوَائِل هَذِهِ الْأُمَّة , وَكَمْ مِنْ سَفِينَة قَدْ كَانَتْ بَعْدهَا فَهَلَكَتْ وَصَارَتْ رَمَادًا . وَقَالَ الضَّحَّاك : الْجُودِيّ جَبَل بِالْمَوْصِلِ وَقَالَ بَعْضهمْ هُوَ الطُّور وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَمْرو بْن رَافِع حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد عَنْ تَوْبَة بْن سَالِم قَالَ رَأَيْت زِرّ بْن حُبَيْش يُصَلِّي فِي الزَّاوِيَة حِين يَدْخُل مِنْ أَبْوَاب كِنْدَة عَلَى يَمِينك فَسَأَلْته إِنَّك لَكَثِير الصَّلَاة هَهُنَا يَوْم الْجُمْعَة قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ سَفِينَة نُوح أَرْسَتْ مِنْ هَهُنَا . وَقَالَ عِلْبَاء بْن أَحْمَر عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : كَانَ مَعَ نُوح فِي السَّفِينَة ثَمَانُونَ رَجُلًا مَعَهُمْ أَهْلُوهُمْ وَأَنَّهُمْ كَانُوا فِيهَا مِائَة وَخَمْسِينَ يَوْمًا , وَأَنَّ اللَّه وَجَّهَ السَّفِينَة إِلَى مَكَّة فَطَافَتْ بِالْبَيْتِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ وَجَّهَهَا اللَّه إِلَى الْجُودِيّ فَاسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ فَبَعَثَ نُوح الْغُرَاب لِيَأْتِيَهُ بِخَبَرِ الْأَرْض فَذَهَبَ فَوَقَعَ عَلَى الْجِيَف فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ فَبَعَثَ الْحَمَامَة فَأَتَتْهُ بِوَرَقِ الزَّيْتُون فَلَطَّخَتْ رِجْلَيْهَا بِالطِّينِ فَعَرَفَ نُوح عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّ الْمَاء قَدْ نَضَبَ فَهَبَطَ إِلَى أَسْفَل الْجُودِيّ فَابْتَنَى قَرْيَة وَسَمَّاهَا ثَمَانِينَ فَأَصْبَحُوا ذَات يَوْم وَقَدْ تَبَلْبَلَتْ أَلْسِنَتهمْ عَلَى ثَمَانِينَ لُغَة إِحْدَاهَا اللِّسَان الْعَرَبِيّ فَكَانَ بَعْضهمْ لَا يَفْقَه كَلَام بَعْض فَكَانَ نُوح عَلَيْهِ السَّلَام يُعَبِّر عَنْهُمْ . وَقَالَ كَعْب الْأَحْبَار : إِنَّ السَّفِينَة طَافَتْ مَا بَيْن الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب قَبْل أَنْ تَسْتَقِرّ عَلَى الْجُودِيّ وَقَالَ قَتَادَة وَغَيْره رَكِبُوا فِي عَاشِر شَهْر رَجَب فَسَارُوا مِائَة وَخَمْسِينَ يَوْمًا وَاسْتَقَرَّتْ بِهِمْ عَلَى الْجُودِيّ شَهْرًا وَكَانَ خُرُوجهمْ مِنْ السَّفِينَة فِي عَاشُورَاء مِنْ الْمُحَرَّم وَقَدْ وَرَدَ نَحْو هَذَا فِي حَدِيث مَرْفُوع رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَأَنَّهُمْ صَامُوا يَوْمهمْ ذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر حَدَّثَنَا عَبْد الصَّمَد بْن حَبِيب الْأَزْدِيّ عَنْ أَبِيهِ حَبِيب بْن عَبْد اللَّه عَنْ شِبْل عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : مَرَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُنَاسٍ مِنْ الْيَهُود وَقَدْ صَامُوا يَوْم عَاشُورَاء فَقَالَ " مَا هَذَا الصَّوْم ؟ " قَالُوا هَذَا الْيَوْم الَّذِي نَجَّى اللَّه فِيهِ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيل مِنْ الْغَرَق وَغَرِقَ فِيهِ فِرْعَوْن وَهَذَا يَوْم اِسْتَوَتْ فِيهِ السَّفِينَة عَلَى الْجُودِيّ فَصَامَ نُوح وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام شُكْرًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَا أَحَقّ بِمُوسَى وَأَحَقّ بِصَوْمِ هَذَا الْيَوْم " . فَصَامَ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ " مَنْ كَانَ أَصْبَحَ مِنْكُمْ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمه وَمَنْ كَانَ أَصَابَ مِنْ غِذَاء أَهْله فَلْيُتِمَّ بَقِيَّة يَوْمه " وَهَذَا حَدِيث غَرِيب مِنْ هَذَا الْوَجْه وَلِبَعْضِهِ شَاهِد فِي الصَّحِيح وَقَوْله " وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " أَيْ هَلَاكًا وَخَسَارًا لَهُمْ وَبُعْدًا مِنْ رَحْمَة اللَّه فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا عَنْ آخِرهمْ فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ بَقِيَّة , وَقَدْ رَوَى الْإِمَام أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير وَالْحَبْر أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي حَاتِم فِي تَفْسِيرَيْهِمَا مِنْ حَدِيث يَعْقُوب بْن مُوسَى الزَّمْعِيّ عَنْ قَائِد مَوْلَى عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي رَافِع بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي رَبِيعَة أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ أَخْبَرْته أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَوْ رَحِمَ اللَّه مِنْ قَوْم نُوح أَحَدًا لَرَحِمَ أُمّ الصَّبِيّ " قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" كَانَ نُوح عَلَيْهِ السَّلَام مَكَثَ فِي قَوْمه أَلْف سَنَة إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا يَدْعُو وَغَرَسَ مِائَة سَنَة الشَّجَر فَعَظُمَتْ وَذَهَبَتْ كُلّ مَذْهَب ثُمَّ قَطَعَهَا ثُمَّ جَعَلَهَا سَفِينَة وَيَمُرُّونَ عَلَيْهِ وَيَسْخَرُونَ مِنْهُ وَيَقُولُونَ تَعْمَل سَفِينَة فِي الْبَرّ فَكَيْف تَجْرِي ؟ قَالَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ فَلَمَّا فَرَغَ وَنَبَعَ الْمَاء وَصَارَ فِي السِّكَك خَشِيَتْ أُمّ الصَّبِيّ عَلَيْهِ وَكَانَتْ تُحِبّهُ حُبًّا شَدِيدًا فَخَرَجَتْ إِلَى الْجَبَل حَتَّى بَلَغَتْ ثُلُثه فَلَمَّا بَلَغَهَا الْمَاء اِرْتَفَعَتْ حَتَّى بَلَغَتْ ثُلُثَيْهِ فَلَمَّا بَلَغَهَا الْمَاء خَرَجَتْ بِهِ حَتَّى اِسْتَوَتْ عَلَى الْجَبَل فَلَمَّا بَلَغَ الْمَاء رَقَبَتهَا رَفَعَتْهُ بِيَدَيْهَا فَغَرِقَا فَلَوْ رَحِمَ اللَّه مِنْهُمْ أَحَدًا لَرَحِمَ أُمّ الصَّبِيّ " . وَهَذَا حَدِيث غَرِيب مِنْ هَذَا الْوَجْه وَقَدْ رُوِيَ عَنْ كَعْب الْأَحْبَار وَمُجَاهِد بْن جُبَيْر قِصَّة هَذَا الصَّبِيّ وَأُمّه بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الخطب المنبرية

    هذه الرسالة تحتوي على بعض خطب الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/264195

    التحميل:

  • الأثر التربوي للمسجد

    الأثر التربوي للمسجد : إن دور المسجد في الواقع جزء متكامل مع أدوار المؤسسات الأخرى في المجتمع، فتنطلق منه لتمارس أنشطتها من خلاله مغزولة ومتداخلة في النسيج الذي يكون حياة المجتمع، وهذه المحاضرة توضح أثرًا من آثار المسجد المباركة.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144873

    التحميل:

  • العهد والميثاق في القرآن الكريم

    العهد والميثاق في القرآن الكريم: في كتاب الله تعالى كثُرت الآيات التي وردت في قضية العهد والميثاق، وشملت جميع العصور والأزمنة، وقد جاء هذا البحث شاملاً للكلام عن هذه المسألة، وقد قسَّمه الشيخ - حفظه الله - إلى أربعة مباحث وخاتمة.

    الناشر: موقع المسلم http://www.almoslim.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337115

    التحميل:

  • كيف نقرأ تاريخ الآل والأصحاب

    كيف نقرأ تاريخ الآل والأصحاب: بحث وضح معالم مهمّة للتعامل السليم مع كتب التاريخ، خاصة فيما يتعلّق بتاريخ الخلفاء الراشدين وما يتعلق بسير وتراجم الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - وفضائل آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. - قدَّم لهذا الكتاب: الشيخ عائض القرني، والشيخ حاتم بن عارف العوني - حفظهما الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/74655

    التحميل:

  • شرح كشف الشبهات [ البراك ]

    كشف الشبهات: رسالة نفيسة كتبها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وهي عبارة عن سلسلة شبهات للمشركين وتفنيدها وإبطالها، وفيها بيان توحيد العبادة وتوحيد الألوهية الذي هو حق الله على العباد، وفيها بيان الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية والعبادة، وقد حرص عدد كبير من أهل لعلم على شرحها وتوضيح معانيها، ومن هؤلاء فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك - أثابه الله - وفي هذه الصفحة نسخة pdf من هذا الشرح الذي أعد أصله اللجنة العلمية بشبكة نور الإسلام.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/322167

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة