Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة النحل - الآية 91

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا ۚ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) (النحل) mp3
هَذَا مِمَّا يَأْمُر اللَّه تَعَالَى بِهِ وَهُوَ الْوَفَاء بِالْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيق وَالْمُحَافَظَة عَلَى الْأَيْمَان الْمُؤَكَّدَة وَلِهَذَا قَالَ " وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَان بَعْد تَوْكِيدهَا " وَلَا تَعَارُض بَيْن هَذَا وَبَيْن قَوْله وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ " الْآيَة . وَبَيْن قَوْله تَعَالَى" ذَلِكَ كَفَّارَة أَيْمَانكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانكُمْ " أَيْ لَا تَتْرُكُوهَا بِلَا كَفَّارَة وَبَيْن قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِيمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ " إِنِّي وَاَللَّه إِنْ شَاءَ اللَّه لَا أَحْلِف عَلَى يَمِين فَأَرَى غَيْرهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْر وَتَحَلَّلْتهَا - وَفِي رِوَايَة - وَكَفَّرْت عَنْ يَمِينِي " لَا تَعَارُض بَيْن هَذَا كُلّه وَلَا بَيْن الْآيَة الْمَذْكُورَة هَاهُنَا وَهِيَ قَوْله " وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَان بَعْد تَوْكِيدهَا " لِأَنَّ هَذِهِ الْأَيْمَان الْمُرَاد بِهَا الدَّاخِلَة فِي الْعُهُود وَالْمَوَاثِيق لَا الْأَيْمَان الَّتِي هِيَ وَارِدَة عَلَى حَثّ أَوْ مَنْع وَلِهَذَا قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله " وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَان بَعْد تَوْكِيدهَا " يَعْنِي الْحَلِف أَيْ حَلِف الْجَاهِلِيَّة وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد - هُوَ اِبْن أَبِي شَيْبَة - حَدَّثَنَا اِبْن نُمَيْر وَأَبُو أُسَامَة عَنْ زَكَرِيَّا - هُوَ اِبْن أَبِي زَائِدَة - عَنْ سَعْد بْن إِبْرَاهِيم عَنْ أَبِيهِ عَنْ جُبَيْر بْن مُطْعِم قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا حَلِف فِي الْإِسْلَام وَأَيّمَا حَلِف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّهُ لَا يَزِيدهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة " . وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِم عَنْ اِبْن أَبِي شَيْبَة بِهِ . وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْإِسْلَام لَا يُحْتَاج مَعَهُ إِلَى الْحَلِف الَّذِي كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَفْعَلُونَهُ فَإِنَّ فِي التَّمَسُّك بِالْإِسْلَامِ كِفَايَة عَمَّا كَانُوا فِيهِ . وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل عَنْ أَنَس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : حَالَفَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار فِي دُورنَا . فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ آخَى بَيْنهمْ فَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِهِ حَتَّى نَسَخَ اللَّه ذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن مُوسَى أَخْبَرَنَا أَبُو لَيْلَى عَنْ بُرَيْدَة فِي قَوْله " وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّه إِذَا عَاهَدْتُمْ " قَالَ نَزَلَتْ فِي بَيْعَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَنْ أَسْلَمَ بَايَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَام فَقَالَ " وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّه إِذَا عَاهَدْتُمْ " هَذِهِ الْبَيْعَة الَّتِي بَايَعْتُمْ عَلَى الْإِسْلَام " وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَان بَعْد تَوْكِيدهَا " لَا يَحْمِلَنَّكُمْ قِلَّة مُحَمَّد وَكَثْرَة الْمُشْرِكِينَ أَنْ تَنْقُضُوا الْبَيْعَة الَّتِي بَايَعْتُمْ عَلَى الْإِسْلَام . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل حَدَّثَنَا صَخْر بْن جُوَيْرِيَة عَنْ نَافِع قَالَ لَمَّا خَلَعَ النَّاس يَزِيد بْن مُعَاوِيَة جَمَعَ اِبْن عُمَر بَنِيهِ وَأَهْله ثُمَّ تَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْد فَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُل عَلَى بَيْعَة اللَّه وَرَسُوله وَإِنِّي سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " إِنَّ الْغَادِر يُنْصَب لَهُ لِوَاء يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال هَذِهِ غَدْرَة فُلَان وَإِنَّ مِنْ أَعْظَم الْغَدْر - إِلَّا أَنْ يَكُون الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ - أَنْ يُبَايِع رَجُل رَجُلًا عَلَى بَيْعَة اللَّه وَرَسُوله ثُمَّ يَنْكُث بَيْعَته فَلَا يَخْلَعَنَّ أَحَد مِنْكُمْ يَدًا وَلَا يُسْرِفَنَّ أَحَد مِنْكُمْ فِي هَذَا الْأَمْر فَيَكُون فَصْل بَيْنِي وَبَيْنه " الْمَرْفُوع مِنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ ; وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَزِيد حَدَّثَنَا حَجَّاج عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِس عَنْ أَبِيهِ عَنْ حُذَيْفَة قَالَ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " مَنْ شَرَطَ لِأَخِيهِ شَرْطًا لَا يُرِيد أَنْ يَفِي لَهُ بِهِ فَهُوَ كَالْمُدْلِي جَاره إِلَى غَيْر مَنْفَعَة " قَوْله " إِنَّ اللَّه يَعْلَم مَا تَفْعَلُونَ " تَهْدِيد وَوَعِيد لِمَنْ نَقَضَ الْأَيْمَان بَعْد تَوْكِيدهَا .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة

    تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة : أصل هذا السفر العظيم تعجيل المنفعة كتاب "التذكرة في رجال الكتاب العشرة" لأبي المحاسن شمس الدين محمد بن حمزة الحسيني الشافعي (715-765) حيث اختصر فيه كتاب "تهذيب الكمال" للحافظ المزي، وأضاف لتراجمة من في "مسند أبي حنيفة للحارثي"، و"الموطأ" لمالك، والمسند للشافعي، ومسند الإمام أحمد، وقال في أوله: "ذكرت فيها رجال كتب الأئمة الربعة المقتدى بهم، أن عمدتهم في استدلالهم لمذاهبهم في الغالب على ما رووه بأسانيدهم في مسانيدهم" ثم أفاد الحافظ ابن حجر من هذا الكتاب فحذف رجال الأئمة الستة، واكتفى بإيرادهم في كتاب "تهذيب التهذيب" وسلخ ما ذكره الحافظ الحسيني في رجال الأئمة الأربعة، فبدأ بما قاله ثم يعقب أو يسترد ألفاظ جرح وتعديل أو شيوخ للراوي المترجم.

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/141380

    التحميل:

  • كيف تصلي على الميت؟

    في هذه الرسالة بيان صفة الصلاة على الميت.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209122

    التحميل:

  • التجويد الميسر

    التجويد الميسر : هذا الكتاب عبارة عن تبسيط لقواعد التجويد والقراءة دون إخلال أو تقصير؛ بحيث يتسنى لكل مسلم تناولها وتعلمها دون حاجة إلى عناء أو مشقة في فهمها أو تطبيقها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/253178

    التحميل:

  • رسالة إلى طالب نجيب

    رسالة إلى طالب نجيب: قال المؤلف - حفظه الله -: «فبينما كنت أُقلِّب أوراقًا قديمةً وجدتُ من بينها صورةً لرسالة كتبتها منذ فترةٍ لطالبٍ نجيبٍ. وعندما اطَّلعتُ على تلك الرسالة بدا لي أن تُنشر؛ رجاء عموم النفع، ولقلة الرسائل التي تُوجّه إلى الطلاب النُّجَباء. فها هي الرسالة مع بعض التعديلات اليسيرة، أُوجِّهها لإخواني الطلاب سائلاً المولى أن ينفع بها، ويجعلها في موازين الحسنات يوم نلقاه».

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/355727

    التحميل:

  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [ أصوله وضوابطه وآدابه ]

    الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [ أصوله وضوابطه وآدابه ]: بحث قيّم بذل فيه الشيخ الوُسعَ أو أكثره في تتبع كلام أهل العلم في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومراجعتها في مظانها للاستفادة من علومهم وفهومهم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/45250

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة