Muslim Library

تفسير القرطبي - سورة فاطر - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) (فاطر) mp3
يَجُوز فِي " فَاطِر " ثَلَاثَة أَوْجُه : الْخَفْض عَلَى النَّعْت , وَالرَّفْع عَلَى إِضْمَار مُبْتَدَأ , وَالنَّصْب عَلَى الْمَدْح . وَحَكَى سِيبَوَيْهِ : الْحَمْد لِلَّهِ أَهْل الْحَمْد مِثْله وَكَذَا " جَاعِل الْمَلَائِكَة " . وَالْفَاطِر : الْخَالِق . وَقَدْ مَضَى فِي " يُوسُف " وَغَيْرهَا . وَالْفَطْر . الشَّقّ عَنْ الشَّيْء ; يُقَال : فَطَرْته فَانْفَطَرَ . وَمِنْهُ : فَطَرَ نَاب الْبَعِير طَلَعَ , فَهُوَ بَعِير فَاطِر . وَتَفَطَّرَ الشَّيْء تَشَقَّقَ . وَسَيْف فُطَار , أَيْ فِيهِ تَشَقُّق . قَالَ عَنْتَرَة : وَسَيْفِي كَالْعَقِيقَةِ فَهْوَ كِمْعِي سِلَاحِي لَا أَفَلَّ وَلَا فُطَارَا وَالْفَطْر : الِابْتِدَاء وَالِاخْتِرَاع . قَالَ اِبْن عَبَّاس : كُنْت لَا أَدْرِي مَا " فَاطِر السَّمَوَات وَالْأَرْض " حَتَّى أَتَانِي أَعْرَابِيَّانِ يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْر , فَقَالَ أَحَدهمَا : أَنَا فَطَرْتهَا , أَيْ أَنَا أَبْتَدَأْتهَا . وَالْفَطْر . حَلْب النَّاقَة بِالسَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَام . وَالْمُرَاد بِذِكْرِ السَّمَوَات وَالْأَرْض الْعَالَم كُلّه , وَنَبَّهَ بِهَذَا عَلَى أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى الِابْتِدَاء قَادِر عَلَى الْإِعَادَة . " جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ " لَا يَجُوز فِيهِ التَّنْوِين , لِأَنَّهُ لِمَا مَضَى . " رُسُلًا " مَفْعُول ثَانٍ , وَيُقَال عَلَى إِضْمَار فِعْل ; لِأَنَّ " فَاعِلًا " إِذَا كَانَ لِمَا مَضَى لَمْ يَعْمَل فِيهِ شَيْئًا , وَإِعْمَالُهُ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَقْبَل حَذَفَ التَّنْوِين مِنْهُ تَخْفِيفًا . وَقَرَأَ الضَّحَّاك " الْحَمْد لِلَّهِ فَطَرَ السَّمَوَات وَالْأَرْض " عَلَى الْفِعْل الْمَاضِي .

الرُّسُل مِنْهُمْ جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وَإِسْرَافِيل وَمَلَك الْمَوْت , صَلَّى اللَّه عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ . وَقَرَأَ الْحَسَن : " جَاعِلُ الْمَلَائِكَةِ " بِالرَّفْعِ . وَقَرَأَ خُلَيْد بْن نَشِيط " جَعَلَ الْمَلَائِكَة " وَكُلّه ظَاهِر .

نَعْت , أَيْ أَصْحَاب أَجْنِحَة .

أَيْ اِثْنَيْنِ اِثْنَيْنِ , وَثَلَاثَة ثَلَاثَة , وَأَرْبَعَة أَرْبَعَة . قَالَ قَتَادَة : بَعْضهمْ لَهُ جَنَاحَانِ , وَبَعْضهمْ ثَلَاثَة , وَبَعْضهمْ أَرْبَعَة ; يَنْزِلُونَ بِهِمَا مِنْ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض , وَيَعْرُجُونَ مِنْ الْأَرْض إِلَى السَّمَاء , وَهِيَ مَسِيرَة كَذَا فِي وَقْت وَاحِد , أَيْ جَعَلَهُمْ رُسُلًا . قَالَ يَحْيَى بْن سَلَّام : إِلَى الْأَنْبِيَاء . وَقَالَ السُّدِّيّ : إِلَى الْعِبَاد بِرَحْمَةٍ أَوْ نِقْمَة . وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ اِبْن مَسْعُود أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام لَهُ سِتّمِائَةِ جَنَاح . وَعَنْ الزُّهْرِيّ أَنَّ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لَهُ : ( يَا مُحَمَّد , لَوْ رَأَيْت إِسْرَافِيل إِنَّ لَهُ لَاثْنَيْ عَشَرَ أَلْف جَنَاح مِنْهَا جَنَاح بِالْمَشْرِقِ وَجَنَاح بِالْمَغْرِبِ وَإِنَّ الْعَرْش لَعَلَى كَاهِله وَإِنَّهُ فِي الْأَحَايِين لَيَتَضَاءَل لِعَظَمَةِ اللَّه حَتَّى يَعُود مِثْل الْوَصْع وَالْوَصْع عُصْفُور صَغِير حَتَّى مَا يَحْمِل عَرْش رَبّك إِلَّا عَظَمَته ) . و " أُولُو " اِسْم جَمْع لِذُو , كَمَا أَنَّ هَؤُلَاءِ اِسْم جَمْع لِذَا , وَنَظِيرهمَا فِي الْمُتَمَكِّنَة : الْمَخَاض وَالْخَلِفَة . وَقَدْ مَضَى الْكَلَام فِي " مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع " فِي " النِّسَاء " وَأَنَّهُ غَيْر مُنْصَرِف .

أَيْ فِي خَلْق الْمَلَائِكَة , فِي قَوْل أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ ; ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيّ . وَقَالَ الْحَسَن : " يَزِيد فِي الْخَلْق " أَيْ فِي أَجْنِحَة الْمَلَائِكَة مَا يَشَاء . وَقَالَ الزُّهْرِيّ وَابْن جُرَيْج : يَعْنِي حُسْن الصَّوْت . وَقَدْ مَضَى الْقَوْل فِيهِ فِي مُقَدِّمَة الْكِتَاب . وَقَالَ الْهَيْثَم الْفَارِسِيّ : رَأَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِي , فَقَالَ : ( أَنْتَ الْهَيْثَم الَّذِي تَزَيَّنَ الْقُرْآن بِصَوْتِك جَزَاك اللَّه خَيْرًا ) . وَقَالَ قَتَادَة : " يَزِيد فِي الْخَلْق مَا يَشَاء " الْمَلَاحَة فِي الْعَيْنَيْنِ وَالْحُسْن فِي الْأَنْف وَالْحَلَاوَة فِي الْفَم . وَقِيلَ : الْخَطّ الْحَسَن . وَقَالَ مُهَاجِر الْكَلَاعِيّ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْخَطّ الْحَسَن يَزِيد الْكَلَام وُضُوحًا ) . وَقِيلَ : الْوَجْه الْحَسَن . وَقِيلَ فِي الْخَبَر فِي هَذِهِ الْآيَة : هُوَ الْوَجْه الْحَسَن وَالصَّوْت الْحَسَن وَالشَّعْر الْحَسَن ; ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيّ . النَّقَّاش هُوَ الشَّعْر الْجَعْد . وَقِيلَ : الْعَقْل وَالتَّمْيِيز . وَقِيلَ : الْعُلُوم وَالصَّنَائِع .

مِنْ النُّقْصَان وَالزِّيَادَة . الزَّمَخْشَرِيّ : وَالْآيَة مُطْلَقَة تَتَنَاوَل كُلّ زِيَادَة فِي الْخَلْق ; مِنْ طُول قَامَة , وَاعْتِدَال صُورَة , وَتَمَام فِي الْأَعْضَاء , وَقُوَّة فِي الْبَطْش , وَحَصَافَة فِي الْعَقْل , وَجَزَالَة فِي الرَّأْي , وَجُرْأَة فِي الْقَلْب , وَسَمَاحَة فِي النَّفْس , وَذَلَاقَة فِي اللِّسَان , وَلَبَاقَة فِي التَّكَلُّم , وَحُسْن تَأَتٍّ فِي مُزَاوَلَة الْأُمُور ; وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحِيط بِهِ وَصْف .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • اصبر واحتسب

    اصبر واحتسب: قال المصنف - حفظه الله -: «في هذه الدنيا سهام المصائب مُشرعة ورماح البلاء مُعدةً مرسلة.. فإننا في دار ابتلاء وامتحان ونكد وأحزان. وقد بلغ الضعف والوهن ببعضنا إلى التجزع والتسخط من أقدار الله.. فأضحى الصابرون الشاكرون الحامدون هم القلة القليلة. وهذا هو الجزء الرابع من سلسلة «أين نحن من هؤلاء؟» نرى فيه كيف كان رضا وصبر وشكر من كانوا قبلنا وقد ابتُلِي بعضهم بأشد مما يُصيبنا. وهذا الكتاب فيه تعزية للمُصاب وتسلية للمُبتلى وإعانة على الصبر والاحتساب».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229619

    التحميل:

  • ديوان خُطب الجمعة وفقًا لتعاليم الإسلام

    ديوان خُطب الجمعة وفقًا لتعاليم الإسلام: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «فهذه موضوعات علميَّة من التعاليم الإسلامية .. اعتمدتُ فيها على مصدرين أساسيين: المصدر الأول: كتاب الله الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ومن خلفه. المصدر الثاني: سنة نبيِّنا محمد - صلى الله عليه وسلم -».

    الناشر: موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/384411

    التحميل:

  • رسالة لمن لا يؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم

    رسالة مُوجَّهة لمن لا يؤمنون برسالة رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم -; وتشتمل على العناوين التالية: 1- من هو محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ 2- خطاب علمي ومادي لمن لا يؤمن بمحمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 3- لو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخدع الناس جميعًا ما خدع نفسه في حياته. 4- الدلائل العقلية على نبوة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -. 5- ما الذي يدعو النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُكرم امرأةً من بني إسرائيل. 6- إنجيل برنابا.. الشاهد والشهيد. 7- الرجل الذي تحدى القرآن. 8- الإعجاز العلمي في الجنين. - وقد وضعنا نسختين: الأولى مناسبة للطباعة - والثانية خفيفة للقراءة.

    الناشر: موقع رسول الله http://www.rasoulallah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/320034

    التحميل:

  • الواسطة بين الحق والخلق

    الواسطة بين الحق والخلق: رسالة صغيرة في حجمها كبيرة في معناها، مفيدة جدا في معرفة أنواع الوسائط والتوسل، والتوحيد، والشرك، وغيرها من الأمور المهمة، وهي من تحقيق الشيخ محمد بن جميل زينو.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1907

    التحميل:

  • مطوية الدعاء من الكتاب والسنة

    مطوية الدعاء من الكتاب والسنة: فهذه أدعية جامعة نافعة، اختصرها المؤلف - حفظه الله - من كتابه: «الدعاء من الكتاب والسنة».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/339731

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة