Muslim Library

تفسير الطبري - سورة الأنفال - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (1) (الأنفال) mp3
الْقَوْل فِي تَفْسِير السُّورَة الَّتِي يُذْكَر فِيهَا الْأَنْفَال { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال قُلْ الْأَنْفَال } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْأَنْفَال الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ الْغَنَائِم , وَقَالُوا : مَعْنَى الْكَلَام : يَسْأَلك أَصْحَابك يَا مُحَمَّد عَنْ الْغَنَائِم الَّتِي غَنِمْتهَا أَنْتَ وَأَصْحَابك يَوْم بَدْر لِمَنْ هِيَ , فَقُلْ هِيَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 12136 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا وَكِيع , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن عَمْرو , عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ عِكْرِمَة : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } قَالَ : الْأَنْفَال : الْغَنَائِم . 12137 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } قَالَ : الْأَنْفَال : الْغَنَائِم . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْأَنْفَال : الْمَغْنَم . 12138 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } قَالَ : الْغَنَائِم . * - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { الْأَنْفَال } قَالَ : يَعْنِي الْغَنَائِم . 12139 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } قَالَ : الْأَنْفَال : الْغَنَائِم . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } الْأَنْفَال : الْغَنَائِم . 12140 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } قَالَ : الْأَنْفَال : الْغَنَائِم . 12141 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : الْأَنْفَال : الْغَنَائِم . 12142 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } قَالَ : الْغَنَائِم . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ أَنْفَال السَّرَايَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 12143 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن صَالِح بْن حَيّ , قَالَ : بَلَغَنِي فِي قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } قَالَ : السَّرَايَا . وَقَالَ آخَرُونَ : الْأَنْفَال مَا شَذَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ عَبْد أَوْ دَابَّة وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 12144 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء , فِي قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال قُلْ الْأَنْفَال لِلَّهِ وَالرَّسُول } قَالَ : هُوَ مَا شَذَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ قِتَال دَابَّة أَوْ عَبْد أَوْ مَتَاع , ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَع فِيهِ مَا شَاءَ . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن نُمَيْر , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } قَالَ : هِيَ مَا شَذَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ قِتَال مِنْ عَبْد أَوْ أَمَة أَوْ مَتَاع أَوْ نَفَل , فَهُوَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَع فِيهِ مَا شَاءَ . 12145 - قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , أَنَّ اِبْن عَبَّاس سُئِلَ عَنْ الْأَنْفَال , فَقَالَ : السَّلَب وَالْفَرَس . 12146 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَيُقَال : الْأَنْفَال : مَا أُخِذَ مِمَّا سَقَطَ مِنْ الْمَتَاع بَعْدَمَا تُقَسَّم الْغَنَائِم , فَهِيَ نَفَل لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ . 12147 - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي عُثْمَان بْن أَبِي سُلَيْمَان , عَنْ مُحَمَّد بْن شِهَاب أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاس : مَا الْأَنْفَال ؟ قَالَ : الْفَرَس وَالدِّرْع وَالرُّمْح . 12148 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ عَطَاء : الْأَنْفَال : الْفَرَس الشَّاذّ , وَالدِّرْع , وَالثَّوْب . 12149 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ يُنَفَّل الرَّجُل فَرَس الرَّجُل وَسَلَبه . 12150 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَالِك بْن أَنَس , عَنْ اِبْن شِهَاب , عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد , قَالَ : سَمِعْت رَجُلًا سَأَلَ اِبْن عَبَّاس عَنْ الْأَنْفَال , فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : الْفَرَس مِنْ النَّفَل , وَالسَّلَب مِنْ النَّفَل . ثُمَّ عَادَ لِمَسْأَلَتِهِ , فَقَالَ اِبْن عَبَّاس ذَلِكَ أَيْضًا , ثُمَّ قَالَ الرَّجُل : الْأَنْفَال الَّتِي قَالَ اللَّه فِي كِتَابه مَا هِيَ ؟ قَالَ الْقَاسِم : فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلهُ حَتَّى كَادَ يُحْرِجهُ , فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَتَدْرُونَ مَا مِثْل هَذَا ؟ مِثْل صُبَيْغ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : كَانَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْء قَالَ : لَا آمُرك وَلَا أَنْهَاك . ثُمَّ قَالَ اِبْن عَبَّاس : وَاَللَّه مَا بَعَثَ اللَّه نَبِيّه عَلَيْهِ السَّلَام إِلَّا زَاجِرًا آمِرًا مُحَلِّلًا مُحَرِّمًا . قَالَ الْقَاسِم : فَسُلِّطَ عَلَى اِبْن عَبَّاس رَجُل يَسْأَلهُ عَنْ الْأَنْفَال , فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : كَانَ الرَّجُل يُنَفَّل فَرَس الرَّجُل وَسِلَاحه . فَأَعَادَ عَلَيْهِ الرَّجُل , فَقَالَ لَهُ مِثْل ذَلِكَ , ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ حَتَّى أَغْضَبَهُ , فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَتَدْرُونَ مَا مِثْل هَذَا ؟ مِثْل صُبَيْغ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَر حَتَّى سَالَتْ الدِّمَاء عَلَى عَقِبَيْهِ , أَوْ عَلَى رِجْلَيْهِ , فَقَالَ الرَّجُل : أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ اِنْتَقَمَ اللَّه لِعُمَر مِنْك . * - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } قَالَ : يَسْأَلُونَك فِيمَا شَذَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ فِي غَيْر قِتَال مِنْ دَابَّة أَوْ عَبْد , فَهُوَ نَفَل لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ آخَرُونَ : النَّفَل : الْخُمُس الَّذِي جَعَلَهُ اللَّه لِأَهْلِ الْخُمُس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 12151 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } قَالَ : هُوَ الْخُمُس . قَالَ الْمُهَاجِرُونَ : لِمَ يُرْفَع عَنَّا هَذَا الْخُمُس ؟ لِمَ يَخْرُج مِنَّا ؟ فَقَالَ اللَّه : هُوَ لِلَّهِ وَالرَّسُول . 12152 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا عَبَّاد بْن الْعَوَّام , عَنْ الْحَجَّاج , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : أَنَّهُمْ سَأَلُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَمْس بَعْد الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس , فَنَزَلَتْ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي مَعْنَى الْأَنْفَال قَوْل مَنْ قَالَ : هِيَ زِيَادَات يَزِيدهَا الْإِمَام بَعْض الْجَيْش أَوْ جَمِيعهمْ ; إِمَّا مِنْ سَلَبه عَلَى حُقُوقهمْ مِنْ الْقِسْمَة , وَإِمَّا مِمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ بِالنَّفَلِ , أَوْ بِبَعْضِ أَسْبَابه , تَرْغِيبًا لَهُ وَتَحْرِيضًا لِمَنْ مَعَهُ مِنْ جَيْشه عَلَى مَا فِيهِ صَلَاحهمْ وَصَلَاح الْمُسْلِمِينَ , أَوْ صَلَاح أَحَد الْفَرِيقَيْنِ . وَقَدْ يَدْخُل فِي ذَلِكَ مَا قَالَ اِبْن عَبَّاس مِنْ أَنَّهُ الْفَرَس وَالدِّرْع وَنَحْو ذَلِكَ , وَيَدْخُل فِيهِ مَا قَالَهُ عَطَاء مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مَا عَادَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ عَبْد أَوْ فَرَس ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْره إِلَى الْإِمَام إِذَا لَمْ يَكُنْ مَا وَصَلُوا إِلَيْهِ لِغَلَبَةٍ وَقَهْر , يَفْعَل مَا فِيهِ صَلَاح أَهْل الْإِسْلَام , وَقَدْ يَدْخُل فِيهِ مَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْجَيْش بِقَهْرٍ . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ النَّفَل فِي كَلَام الْعَرَب إِنَّمَا هُوَ الزِّيَادَة عَلَى الشَّيْء , يُقَال مِنْهُ : نَفَّلْتُك كَذَا , وَأَنْفَلْتك : إِذَا زِدْتُك , وَالْأَنْفَال : جَمْع نَفَل ; وَمِنْهُ قَوْل لَبِيد بْن رَبِيعَة : إِنَّ تَقْوَى رَبّنَا خَيْر نَفَلْ وَبِإِذْنِ اللَّه رَيْثِي وَعَجَلْ فَإِذْ كَانَ مَعْنَاهُ مَا ذَكَرْنَا , فَكُلّ مَنْ زِيدَ مِنْ مُقَاتِلَة الْجَيْش عَلَى سَهْمه مِنْ الْغَنِيمَة , إِنْ كَانَ ذَلِكَ لِبَلَاءِ أَبْلَاهُ أَوْ لِغَنَاءٍ كَانَ مِنْهُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ , بِتَنْفِيلِ الْوَالِي ذَلِكَ إِيَّاهُ , فَيَصِير حُكْم ذَلِكَ لَهُ كَالسَّلَبِ الَّذِي يَسْلُبهُ الْقَاتِل , فَهُوَ مُنَفَّل مَا زِيدَ مِنْ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الزِّيَادَة وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَوْجَبَة فِي بَعْض الْأَحْوَال بِحَقٍّ , فَلَيْسَتْ مِنْ الْغَنِيمَة الَّتِي تَقَع فِيهَا الْقِسْمَة , وَكَذَلِكَ كُلّ مَا رُضِخَ لِمَنْ لَا سَهْم لَهُ فِي الْغَنِيمَة فَهُوَ نَفَل , لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ فَلَيْسَ مِمَّا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْقِسْمَة . فَالْفَصْل إِذْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْنَا بَيْن الْغَنِيمَة وَالنَّفَل , أَنَّ الْغَنِيمَة هِيَ مَا أَفَاءَ اللَّه عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَال الْمُشْرِكِينَ بِغَلَبَةٍ وَقَهْر نُفِّلَ مِنْهُ مُنَفَّل أَوْ لَمْ يُنَفَّل ; وَالنَّفَل : هُوَ مَا أُعْطِيَهُ الرَّجُل عَلَى الْبَلَاء وَالْغِنَاء عَنْ الْجَيْش عَلَى غَيْر قِسْمَة . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَى النَّفَل , فَتَأْوِيل الْكَلَام : يَسْأَلك أَصْحَابك يَا مُحَمَّد عَنْ الْفَضْل مِنْ الْمَال الَّذِي تَقَع فِيهِ الْقِسْمَة مِنْ غَنِيمَة كُفَّار قُرَيْش الَّذِينَ قُتِلُوا بِبَدْرٍ لِمَنْ هُوَ قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد : هُوَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ دُونكُمْ , يَجْعَلهُ حَيْثُ شَاءَ . وَاخْتُلِفَ فِي السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : نَزَلَتْ فِي غَنَائِم بَدْر ; لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ نَفَّلَ أَقْوَامًا عَلَى بَلَاء , فَأَبْلَى أَقْوَام وَتَخَلَّفَ آخَرُونَ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَاخْتَلَفُوا فِيهَا بَعْد اِنْقِضَاء الْحَرْب , فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة عَلَى رَسُوله , يُعْلِمهُمْ أَنَّ مَا فَعَلَ فِيهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَاضٍ جَائِز . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 12153 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت دَاوُد بْن أَبِي هِنْد يُحَدِّث , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ أَتَى مَكَان كَذَا وَكَذَا , فَلَهُ كَذَا وَكَذَا , أَوْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا , فَلَهُ كَذَا وَكَذَا " . فَتَسَارَعَ إِلَيْهِ الشُّبَّان , وَبَقِيَ الشُّيُوخ عِنْد الرَّايَات . فَلَمَّا فَتَحَ اللَّه عَلَيْهِمْ , جَاءُوا يَطْلُبُونَ مَا جَعَلَ لَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ لَهُمْ الْأَشْيَاخ : لَا تَذْهَبُوا بِهِ دُوننَا ! فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ الْآيَة : { فَاتَّقُوا اللَّه وَأَصْلِحُوا ذَات بَيْنكُمْ } . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر , قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ صَنَعَ كَذَا وَكَذَا , فَلَهُ كَذَا وَكَذَا " قَالَ : فَتَسَارَعَ فِي ذَلِكَ شُبَّان الرِّجَال , وَبَقِيَتْ الشُّيُوخ تَحْت الرَّايَات ; فَلَمَّا كَانَتْ الْغَنَائِم , جَاءُوا يَطْلُبُونَ الَّذِي جُعِلَ لَهُمْ , فَقَالَتْ الشُّيُوخ : لَا تَسْتَأْثِرُوا عَلَيْنَا , فَإِنَّا كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ , وَكُنَّا تَحْت الرَّايَات , وَلَوْ اِنْكَشَفْتُمْ لَفِئْتُمْ إِلَيْنَا ! فَتَنَازَعُوا , فَأَنْزَلَ اللَّه : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال قُلْ الْأَنْفَال لِلَّهِ وَالرَّسُول فَاتَّقُوا اللَّه وَأَصْلِحُوا ذَات بَيْنكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } . * - حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن شَاهِين , قَالَ : ثنا خَالِد بْن عَبْد اللَّه , عَنْ دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر , قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ فَعَلَ كَذَا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا مِنْ النَّفَل " قَالَ : فَتَقَدَّمَ الْفِتْيَان وَلَزِمَ الْمَشْيَخَة الرَّايَات , فَلَمْ يَبْرَحُوا , فَلَمَّا فُتِحَ عَلَيْهِمْ , قَالَتْ الْمَشْيَخَة : كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ , فَلَوْ اِنْهَزَمْتُمْ اِنْحَزْتُمْ إِلَيْنَا , لَا تَذْهَبُوا بِالْمَغْنَمِ دُوننَا ! فَأَبَى الْفِتْيَان وَقَالُوا : جَعَلَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا فَأَنْزَلَ اللَّه : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال قُلْ الْأَنْفَال لِلَّهِ وَالرَّسُول } قَالَ : فَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ , وَكَذَلِكَ أَيْضًا : أَطِيعُونِي فَإِنِّي أَعْلَم . 12154 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة فِي هَذِهِ الْآيَة : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال قُلْ الْأَنْفَال لِلَّهِ وَالرَّسُول } قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ صَنَعَ كَذَا فَلَهُ مِنْ النَّفَل كَذَا " فَخَرَجَ شُبَّان مِنْ الرِّجَال فَجَعَلُوا يَصْنَعُونَهُ , فَلَمَّا كَانَ عِنْد الْقِسْمَة , قَالَ الشُّيُوخ : نَحْنُ أَصْحَاب الرَّايَات , وَقَدْ كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ ! فَأَنْزَلَ اللَّه فِي ذَلِكَ : { قُلْ الْأَنْفَال لِلَّهِ وَالرَّسُول فَاتَّقُوا اللَّه وَأَصْلِحُوا ذَات بَيْنكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } . 12155 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا يَعْقُوب الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثني الْمُغِيرَة بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ سُلَيْمَان بْن مُوسَى , عَنْ مَكْحُول مَوْلَى هُذَيْل , عَنْ أَبِي سَلَّام , عَنْ أَبِي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , قَالَ : أَنْزَلَ اللَّه حِين اِخْتَلَفَ الْقَوْم فِي الْغَنَائِم يَوْم بَدْر : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } إِلَى قَوْله : { إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } فَقَسَمَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنهمْ عَنْ سَوَاء . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : ثَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث وَغَيْره مِنْ أَصْحَابنَا , عَنْ سُلَيْمَان بْن مُوسَى الْأَسَدِيّ , عَنْ مَكْحُول , عَنْ أَبِي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ , قَالَ : سَأَلْت عُبَادَة بْن الصَّامِت عَنْ الْأَنْفَال , فَقَالَ : فِينَا مَعْشَر أَصْحَاب بَدْر نَزَلَتْ حِين اِخْتَلَفْنَا فِي النَّفَل , وَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلَاقنَا , فَنَزَعَهُ اللَّه مِنْ أَيْدِينَا , فَجَعَلَهُ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَسَمَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن الْمُسْلِمِينَ عَنْ سَوَاء , يَقُول : عَلَى السَّوَاء , فَكَانَ فِي ذَلِكَ تَقْوَى اللَّه وَطَاعَة رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَاح ذَات الْبَيْن . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة لِأَنَّ بَعْض أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ مِنْ الْمَغْنَم شَيْئًا قَبْل قِسْمَتهَا , فَلَمْ يُعْطِهِ إِيَّاهُ , إِذْ كَانَ شِرْكًا بَيْن الْجَيْش , فَجَعَلَ اللَّه جَمِيع ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 12156 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيل بْن مُوسَى السُّدِّيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ عَاصِم , عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد , عَنْ سَعْد , قَالَ : أَتَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم بَدْر بِسَيْفٍ , فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه هَذَا السَّيْف قَدْ شَفَى اللَّه بِهِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ! فَسَأَلْته إِيَّاهُ , فَقَالَ : " لَيْسَ هَذَا لِي وَلَا لَك " . قَالَ : فَلَمَّا وَلَّيْت , قُلْت : أَخَاف أَنْ يُعْطِيه مَنْ لَمْ يُبْلِ بَلَائِي . فَإِذَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفِي , قَالَ : فَقُلْت : أَخَاف أَنْ يَكُون نَزَلَ فِيَّ شَيْء ! قَالَ : " إِنَّ السَّيْف قَدْ صَارَ لِي " . قَالَ : فَأَعْطَانِيهِ , وَنَزَلَتْ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } . 12157 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر , قَالَ : ثنا عَاصِم , عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد , عَنْ سَعْد بْن مَالِك , قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر , جِئْت بِسَيْفٍ , قَالَ : فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه , إِنَّ اللَّه قَدْ شَفَى صَدْرِي مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَوْ نَحْو هَذَا , فَهَبْ لِي هَذَا السَّيْف ! فَقَالَ لِي : " هَذَا لَيْسَ لِي وَلَا لَك " . فَرَجَعْت فَقُلْت : عَسَى أَنْ يُعْطِي هَذَا مَنْ لَمْ يُبْلِ بَلَائِي ! فَجَاءَنِي الرَّسُول , فَقُلْت : حَدَثَ فِيَّ حَدَث : فَلَمَّا اِنْتَهَيْت , قَالَ : " يَا سَعْد إِنَّك سَأَلْتنِي السَّيْف وَلَيْسَ لِي , وَإِنَّهُ قَدْ صَارَ لِي فَهُوَ لَك " . وَنَزَلَتْ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال قُلْ الْأَنْفَال لِلَّهِ وَالرَّسُول } . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : أَصَبْت سَيْفًا يَوْم بَدْر , فَأَعْجَبَنِي , فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه هَبْهُ لِي ! فَأَنْزَلَ اللَّه : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال قُلْ الْأَنْفَال لِلَّهِ وَالرَّسُول } . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى وَابْن وَكِيع , قَالَ اِبْن الْمُثَنَّى , ثني مُعَاوِيَة , وَقَالَ اِبْن وَكِيع : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , قَالَ : ثنا الشَّيْبَانِيّ , عَنْ مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه , عَنْ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص , قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر قُتِلَ أَخِي عُمَيْر وَقَتَلْت سَعِيد بْن الْعَاصِ , وَأَخَذْت سَيْفه , وَكَانَ يُسَمَّى ذَا الْكَتِيفَة , فَجِئْت بِهِ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " اِذْهَبْ فَاطْرَحْهُ فِي الْقَبَض " ! فَطَرَحْته وَرَجَعْت وَبِي مَا لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه مِنْ قَتْل أَخِي وَأَخْذ سَلَبِي , قَالَ : فَمَا جَاوَزْت إِلَّا قَرِيبًا حَتَّى نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَة الْأَنْفَال , فَقَالَ : " اِذْهَبْ فَخُذْ سَيْفك " . وَلَفْظ الْحَدِيث لِابْنِ الْمُثَنَّى . 12158 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , وَحَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة جَمِيعًا , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر , عَنْ قَيْس بْن سَاعِدَة , قَالَ : سَمِعْت أَبَا أُسَيْد بْن مَالِك بْن رَبِيعَة يَقُول : أَصَبْت سَيْف اِبْن عَائِد يَوْم بَدْر , وَكَانَ السَّيْف يُدْعَى الْمَرْزُبَان ; فَلَمَّا أَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرُدُّوا مَا فِي أَيْدِيهمْ مِنْ النَّفَل , أَقْبَلْت بِهِ فَأَلْقَيْته فِي النَّفَل , وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْنَع شَيْئًا يُسْأَلهُ , فَرَآهُ الْأَرْقَم بْن أَبِي الْأَرْقَم الْمَخْزُومِيّ , فَسَأَلَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ . 12159 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر , عَنْ يَحْيَى بْن عِمْرَان , عَنْ جَدّه عُثْمَان بْن الْأَرْقَم , عَنْ عَمّه , عَنْ جَدّه , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم بَدْر : " رُدُّوا مَا كَانَ مِنْ الْأَنْفَال ! " فَوَضَعَ أَبُو أُسَيْد السَّاعِدِيّ سَيْف اِبْن عَائِد الْمَرْزُبَان , فَعَرَفَهُ الْأَرْقَم فَقَالَ . هَبْهُ لِي يَا رَسُول اللَّه ! قَالَ : فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ . 12160 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : أَصَبْت سَيْفًا . قَالَ : فَأَتَى بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه نَفِّلْنِيهِ ! فَقَالَ : " ضَعْهُ ! " ثُمَّ قَامَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه نَفِّلْنِيهِ ! قَالَ : " ضَعْهُ ! " قَالَ : ثُمَّ قَامَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه نَفِّلْنِيهِ ! أُجْعَل كَمَنْ لَا غَنَاء لَهُ ؟ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْته ! " فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال قُلْ الْأَنْفَال لِلَّهِ وَالرَّسُول } . * - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك , عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد , عَنْ سَعْد , قَالَ : أَخَذْت سَيْفًا مِنْ الْمَغْنَم , فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه هَبْ لِي هَذَا ! فَنَزَلَتْ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } . 12161 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُهَاجِر , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } قَالَ : قَالَ سَعْد : كُنْت أَخَذْت سَيْف سَعِيد بْن الْعَاصِ بْن أُمَيَّة , فَأَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْت : أَعْطِنِي هَذَا السَّيْف يَا رَسُول اللَّه ! فَسَكَتَ , فَنَزَلَتْ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } إِلَى قَوْله : { إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } قَالَ : فَأَعْطَانِيهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ لِأَنَّ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوا قِسْمَة الْغَنِيمَة بَيْنهمْ يَوْم بَدْر فَأَعْلَمَهُمْ اللَّه أَنَّ ذَلِكَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ دُونهمْ لَيْسَ لَهُمْ فِيهِ شَيْء . وَقَالُوا : مَعْنَى " عَنْ " فِي هَذَا الْمَوْضِع " مِنْ " وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : يَسْأَلُونَك مِنْ الْأَنْفَال , وَقَالُوا : قَدْ كَانَ اِبْن مَسْعُود يَقْرَؤُهُ : " يَسْأَلُونَك الْأَنْفَال " عَلَى هَذَا التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 12162 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , قَالَ : كَانَ أَصْحَاب عَبْد اللَّه يَقْرَءُونَهَا : " يَسْأَلُونَك الْأَنْفَال " . 12163 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : هِيَ فِي قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود " يَسْأَلُونَك الْأَنْفَال " . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 12164 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال قُلْ الْأَنْفَال لِلَّهِ وَالرَّسُول } قَالَ : الْأَنْفَال : الْمَغَانِم كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِصَة لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهَا شَيْء , مَا أَصَابَ سَرَايَا الْمُسْلِمِينَ مِنْ شَيْء أَتَوْهُ بِهِ , فَمَنْ حَبَسَ مِنْهُ إِبْرَة أَوْ سِلْكًا فَهُوَ غُلُول . فَسَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْهَا , قَالَ اللَّه : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَالِ قُلْ الْأَنْفَالُ } لِي ; جَعَلْتهَا لِرَسُولِي لَيْسَ لَكُمْ فِيهَا شَيْء { فَاتَّقُوا اللَّه وَأَصْلِحُوا ذَات بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } , ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّه : { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ } 8 41 ثُمَّ قُسِمَ ذَلِكَ الْخُمُس لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَنْ سُمِّيَ فِي الْآيَة . 12165 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } قَالَ : نَزَلَتْ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا . قَالَ : وَاخْتَلَفُوا فَكَانُوا أَثْلَاثًا . قَالَ : فَنَزَلَتْ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال قُلْ الْأَنْفَال لِلَّهِ وَالرَّسُول } وَمَلَّكَهُ اللَّهُ رَسُولَهُ , فَقَسَمَهُ كَمَا أَرَاهُ اللَّه . 12166 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا عَبَّاد بْن الْعَوَّام , عَنْ الْحَجَّاج , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه : أَنَّ النَّاس سَأَلُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَنَائِم يَوْم بَدْر , فَنَزَلَتْ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } . 12167 - قَالَ : ثنا عَبَّاد بْن الْعَوَّام , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } قَالَ : يَسْأَلُونَك أَنْ تُنَفِّلهُمْ . 12168 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن زَيْد , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } قَالَ : يَسْأَلُونَك الْأَنْفَال . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى أَخْبَرَ فِي هَذِهِ الْآيَة عَنْ قَوْم سَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْفَال أَنْ يُعْطِيَهُمُوهَا , فَأَخْبَرَهُمْ اللَّه أَنَّهَا لِلَّهِ وَأَنَّهُ جَعَلَهَا لِرَسُولِهِ . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ جَازَ أَنْ يَكُون نُزُولهَا كَانَ مِنْ أَجْل اِخْتِلَاف أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا , وَجَائِز أَنْ يَكُون كَانَ مِنْ أَجْل مَسْأَلَة مَنْ سَأَلَهُ السَّيْف الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ سَعْد أَنَّهُ سَأَلَهُ إِيَّاهُ , وَجَائِز أَنْ يَكُون مِنْ أَجْل مَسْأَلَة مَنْ سَأَلَهُ قَسْم ذَلِكَ بَيْن الْجَيْش . وَاخْتَلَفُوا فِيهَا , أَمَنْسُوخَة هِيَ أَمْ غَيْر مَنْسُوخَة ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ مَنْسُوخَة , وَقَالُوا : نَسَخَهَا قَوْله : { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ } 8 41 الْآيَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 12169 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة , قَالَا : كَانَتْ الْأَنْفَال لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ فَنَسَخَتْهَا : { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسه وَلِلرَّسُولِ } 8 41 . 12170 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } قَالَ : أَصَابَ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص يَوْم بَدْر سَيْفًا , فَاخْتَصَمَ فِيهِ وَنَاس مَعَهُ , فَسَأَلُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَخَذَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ , فَقَالَ اللَّه : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال قُلْ الْأَنْفَال لِلَّهِ وَالرَّسُول } الْآيَة , فَكَانَتْ الْغَنَائِم يَوْمئِذٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة , فَنَسَخَهَا اللَّه بِالْخُمُسِ . 12171 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي سُلَيْم مَوْلَى أُمّ مُحَمَّد , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } قَالَ : نَسَخَتْهَا : { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسه } 8 41 . * - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة , أَوْ عِكْرِمَة وَعَامِر , قَالَا : نَسَخَتْ الْأَنْفَالَ : { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسه } 8 41 . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ مُحْكَمَة وَلَيْسَتْ مَنْسُوخَة . وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ : قُلْ الْأَنْفَال لِلَّهِ , وَهِيَ لَا شَكّ لِلَّهِ مَعَ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا وَالْآخِرَة , وَلِلرَّسُولِ يَضَعهَا فِي مَوَاضِعهَا الَّتِي أَمَرَهُ اللَّه بِوَضْعِهَا فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 12172 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } فَسَلِّمُوا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ يَحْكُمَانِ فِيهَا بِمَا شَاءَا وَيَضَعَانِهَا حَيْثُ أَرَادَا , فَقَالُوا : نَعَمْ . ثُمَّ جَاءَ بَعْد الْأَرْبَعِينَ : { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسه وَلِلرَّسُولِ } 8 41 الْآيَة , وَلَكُمْ أَرْبَعَة أَخْمَاس , وَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم خَيْبَر : " وَهَذَا الْخُمُس مَرْدُود عَلَى فُقَرَائِكُمْ يَصْنَع اللَّه وَرَسُوله فِي ذَلِكَ الْخُمُس مَا أَحَبَّا , وَيَضَعَانِهِ حَيْثُ أَحَبَّا , ثُمَّ أَخْبَرَنَا اللَّه الَّذِي يَجِب مِنْ ذَلِكَ " ثُمَّ قَرَأَ الْآيَة : { لِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل كَيْلَا يَكُون دُولَة بَيْن الْأَغْنِيَاء مِنْكُمْ } 59 7 . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَنْفَال لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَفِّل مَنْ شَاءَ , فَنَفَّلَ الْقَاتِل السَّلَب , وَجَعَلَ لِلْجَيْشِ فِي الْبُدَاءَة الرُّبُع وَفِي الرَّجْعَة الثُّلُث بَعْد الْخُمُس , وَنَفَّلَ قَوْمًا بَعْد سُهْمَانهمْ بَعِيرًا بَعِيرًا فِي بَعْض الْمَغَازِي . فَجَعَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره حُكْم الْأَنْفَال إِلَى نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَفِّل عَلَى مَا يَرَى مِمَّا فِيهِ صَلَاح الْمُسْلِمِينَ , وَعَلَى مَنْ بَعْده مِنْ الْأَئِمَّة أَنْ يَسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ فِي ذَلِكَ , وَلَيْسَ فِي الْآيَة دَلِيل عَلَى أَنَّ حُكْمهَا مَنْسُوخ لِاحْتِمَالِهَا مَا ذَكَرْت مِنْ الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْت , وَغَيْر جَائِز أَنْ يُحْكَم بِحُكْمٍ قَدْ نَزَلَ بِهِ الْقُرْآن أَنَّهُ مَنْسُوخ إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِب التَّسْلِيم لَهَا , فَقَدْ دَلَّلْنَا فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ كُتُبنَا عَلَى أَنْ لَا مَنْسُوخ إِلَّا مَا أَبْطَلَ حُكْمَهُ حَادِثٌ حُكِمَ بِخِلَافِهِ يَنْفِيه مِنْ كُلّ مَعَانِيه , أَوْ يَأْتِي خَبَر يُوجِب الْحُجَّة أَنَّ أَحَدهمَا نَاسِخ الْآخَر . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب أَنَّهُ كَانَ يُنْكِر أَنْ يَكُون التَّنْفِيل لِأَحَدٍ بَعْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْوِيلًا مِنْهُ لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى : { قُلْ الْأَنْفَال لِلَّهِ وَالرَّسُول } . 12173 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَبْدَة بْن سُلَيْمَان , عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : أَرْسَلَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب غُلَامه إِلَى قَوْم سَأَلُوهُ عَنْ شَيْء , فَقَالَ : إِنَّكُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَيَّ تَسْأَلُونِي عَنْ الْأَنْفَال , فَلَا نَفَل بَعْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ لِلْأَئِمَّةِ أَنْ يَتَأَسَّوْا بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَغَازِيهمْ بِفِعْلِهِ , فَيُنَفِّلُوا عَلَى نَحْو مَا كَانَ يُنَفِّل , إِذَا كَانَ التَّنْفِيل صَلَاحًا لِلْمُسْلِمِينَ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَاتَّقُوا اللَّه وَأَصْلِحُوا ذَات بَيْنكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَخَافُوا اللَّه أَيّهَا الْقَوْم , وَاتَّقُوهُ بِطَاعَتِهِ وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه , وَأَصْلِحُوا الْحَال بَيْنكُمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِي عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { وَأَصْلِحُوا ذَات بَيْنكُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ أَمْر مِنْ اللَّه لِلَّذِينَ غَنِمُوا الْغَنِيمَة يَوْم بَدْر وَشَهِدُوا الْوَقْعَة مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اِخْتَلَفُوا فِي الْغَنِيمَة أَنْ يَرُدُّوا مَا أَصَابُوا مِنْهَا بَعْضهمْ عَلَى بَعْض . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 12174 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَاتَّقُوا اللَّه وَأَصْلِحُوا ذَات بَيْنكُمْ } قَالَ : كَانَ نَبِيّ اللَّه يُنَفِّل الرَّجُل مِنْ الْمُؤْمِنِينَ سَلَب الرَّجُل مِنْ الْكُفَّار إِذَا قَتَلَهُ , ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّه : { فَاتَّقُوا اللَّه وَأَصْلِحُوا ذَات بَيْنكُمْ } أَمَرَهُمْ أَنْ يَرُدّ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض . 12175 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنَفِّل الرَّجُل عَلَى قَدْر جَدّه وَغِنَائِهِ عَلَى مَا رَأَى , حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْم بَدْر وَمَلَأَ النَّاس أَيْدِيهمْ غَنَائِم , قَالَ أَهْل الضَّعْف مِنْ النَّاس : ذَهَبَ أَهْل الْقُوَّة بِالْغَنَائِمِ ! فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ : { قُلْ الْأَنْفَال لِلَّهِ وَالرَّسُول فَاتَّقُوا اللَّه وَأَصْلِحُوا ذَات بَيْنكُمْ } لِيَرُدّ أَهْل الْقُوَّة عَلَى أَهْل الضَّعْف . وَقَالَ آخَرُونَ : هَذَا تَحْرِيج مِنْ اللَّه عَلَى الْقَوْم , وَنَهْي لَهُمْ عَنْ الِاخْتِلَاف فِيمَا اِخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ أَمْر الْغَنِيمَة وَغَيْره . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 12176 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثَنَا خَالِد بْن يَزِيد , وَحَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَا : ثنا أَبُو إِسْرَائِيل , عَنْ فُضَيْل , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { فَاتَّقُوا اللَّه وَأَصْلِحُوا ذَات بَيْنكُمْ } قَالَ : حَرَّجَ عَلَيْهِمْ . 12177 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا عَبَّاد بْن الْعَوَّام , عَنْ سُفْيَان بْن حُسَيْن , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَاتَّقُوا اللَّه وَأَصْلِحُوا ذَات بَيْنكُمْ } قَالَ هَذَا تَحْرِيج مِنْ اللَّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَّقُوا وَيُصْلِحُوا ذَات بَيْنهمْ . قَالَ عَبَّاد , قَالَ سُفْيَان : هَذَا حِين اِخْتَلَفُوا فِي الْغَنَائِم يَوْم بَدْر . 12178 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَاتَّقُوا اللَّه وَأَصْلِحُوا ذَات بَيْنكُمْ } أَيْ لَا تَسْتَبُّوا . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه تَأْنِيث الْبَيْن , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : أَضَافَ ذَات إِلَى الْبَيْن وَجَعَلَهُ ذَاتًا , لِأَنَّ بَعْض الْأَشْيَاء يُوضَع عَلَيْهِ اِسْم مُؤَنَّث , وَبَعْضًا يُذَكَّر نَحْو الدَّار , وَالْحَائِط أُنِّثَ الدَّار وَذُكِّرَ الْحَائِط . وَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ : { ذَات بَيْنكُمْ } الْحَال الَّتِي لِلْبَيْنِ فَقَالَ : وَكَذَلِكَ " ذَات الْعِشَاء " يُرِيد السَّاعَة الَّتِي فِيهَا الْعِشَاء . قَالَ : وَلَمْ يَضَعُوا مُذَكَّرًا لِمُؤَنَّثٍ وَلَا مُؤَنَّثًا لِمُذَكَّرٍ إِلَّا لِمَعْنًى . قَالَ أَبُو جَعْفَر : هَذَا الْقَوْل أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْتهَا لَهُ .

وَأَمَّا قَوْله : { وَأَطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : وَانْتَهُوا أَيّهَا الْقَوْم الطَّالِبُونَ الْأَنْفَال إِلَى أَمْر اللَّه وَأَمْر رَسُوله فِيمَا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْكُمْ , فَقَدْ بَيَّنَ لَكُمْ وُجُوهه وَسُبُله . { إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } يَقُول : إِنْ كُنْتُمْ مُصَدِّقِينَ رَسُول اللَّه فِيمَا آتَاكُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّكُمْ . كَمَا : 12179 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : { فَاتَّقُوا اللَّه وَأَصْلِحُوا ذَات بَيْنكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } فَسَلَّمُوا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ يَحْكُمَانِ فِيهَا بِمَا شَاءَا , وَيَضَعَانِهَا حَيْثُ أَرَادَا .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • صلاة الكسوف في ضوء الكتاب والسنة

    صلاة الكسوف في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنِّف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في: «صلاة الكسوف» وما يتعلق بها من أحكام، بيَّنت فيها بتوفيق الله تعالى: مفهوم الكسوف والخسوف، وأن ذلك من آيات الله التي يُخوِّف بهما عباده، وبيَّنت أسباب الكسوف الحسّيَّة والشرعيَّة، وفوائد الكسوف وحِكمه، وحُكم صلاة الكسوف، وآداب صلاة الكسوف: الواجبة والمستحبة، وصفة صلاة الكسوف، ووقتها، وأنها لا تُدرَك الركعة إلا بإدراك الركوع الأول، وذكرت خلاف العلماء في الصلاة للآيات، وقد قرنت كل مسألة بدليلها أو تعليلها على قدر الإمكان».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1943

    التحميل:

  • طفلك من الثانية إلى العاشرة

    طفلك من الثانية إلى العاشرة: قال الشيخ - حفظه الله - في المقدمة: «نُلاحظ جميعًا تغيرات المراهق في سلوكه ونفسيته بوضوح؛ لأنها حادة وتعاقبها سريع، ولكن قد لا نُلاحظ تغيرات الأطفال قبل المراهقة؛ لأنها تغيرات متباعدة خصوصًا بين الخامسة والعاشرة، ولأنها أيضًا أقل حدة بكثير، هدف هذا اللقاء أن تلاحظ تغيرات أولادك وتتعامل معها بكفاءة وراحة أكبر. ملخص حلقاتنا لابنك وبنتك: تغيرات نفسية وسلوكية متوقعة تحدث بانتظام تغيرات متعاقبة مختلفة انتظرها واكتشفها وتفهمها وتقبلها وكيّف أساليبك التربوية معها، أسعد بصحبتكم الكريمة أينما كنتم على مدى هذه الحلقات نعرض خلالها سمات المراحل العمرية والتعامل المقترح مع ما يرافقها من سلوكيات مزعجة أو قدرات أو احتياجات».

    الناشر: موقع المسلم http://www.almoslim.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337587

    التحميل:

  • عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

    عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين : يتناول ابن القيم موضوع محدد هو الصبر وأقسامه؛ المحمود منه والمذموم. وما ورد في الصبر في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية الشريفة، وفي أقوال الصحابة والتابعين. وقد عمد إلى ربط الصبر بكل أمر من أمور الحياة فيذكر الصبر الجميل والورع الكاذب ويضرب الأمثال من الحديث النبوي الشريف على الدنيا وتمثيل حقيقتها ببيان قصرها وطول ما قبلها وما بعدها.. إلى ما هنالك من أمور بحثها في أسلوب شيق وممتع لا يخلو من إسقاطات على الواقع المعاصر.

    المدقق/المراجع: إسماعيل بن غازي مرحبا

    الناشر: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/265622

    التحميل:

  • الفتح الرباني في العلاقة بين القراءات والرسم العثماني

    الفتح الرباني في العلاقة بين القراءات والرسم العثماني: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «فمنذ زمن بعيد وأنا توَّاق إلى وضعِ مُصنَّف خاصّ أُضمِّنُه الحديثَ عن العلاقة بين القراءات والرسمِ العُثماني، وأُبيِّن فيه أن العلاقة بينهما قوية ومتينة؛ لأنه يترتَّبُ على مُخالفة (الرسم العثماني) ترك الكثير من القراءات المُتواتِرة، حتى شاءَ الله تعالى وشرحَ صدري للكتابةِ في هذا الموضوع الهامّ الذي لم أُسبَق إلى مثلهِ من قبل، وقد سمَّيتُ مُصنَّفي هذا: «الفتح الرباني في العلاقة بين القراءات والرسم العثماني». وهدَفي من وراءِ الكتابة في هذا الموضوع الهام عدَّة أمور في مُقدِّمتها ميعًا: الدفاع عن قراءات القرآن، وعن الرسم الذي كُتِب به (القرآن) بين يدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك الرسم الذي اكتسبَ حُكمًا شرعيًّا، وهو إجماعُ الصحابةِ عليه، كما أن هذا الرسم من عملِ بعضِ الصحابةِ - رضوان الله عليهم أجمعين -».

    الناشر: موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/385225

    التحميل:

  • متن تحفة الأطفال

    تحفة الأطفال والغلمان في تجويد كلمات القرآن: منظومة شعرية في تجويد الكلمات القرآنية، اختصت بأحكام النون الساكنة والتنوين والمدود, بأسلوب مبسط للطلبة المبتدئين في علم التجويد من تأليف الشيخ سليمان الجمزوري - رحمه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2101

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة